علوم وتكنلوجيا

من الهجوم إلى الدفاع.. دور الذكاء الاصطناعي في مكافحة الجرائم الإلكترونية

أحدثت شبكة الإنترنت تحولًا جذريا في مختلف مناحي الحياة، مقدمة مزايا غير مسبوقة للأفراد والشركات، إلا أن هذا التطور صاحبه ارتفاع ملحوظ في الهجمات الإلكترونية التي تستهدف المستخدمين والأنظمة الرقمية.

وباتت البرمجيات الخبيثة تشكل تهديدًا متزايدا للحواسيب والهواتف الذكية والشبكات، حيث تستهدف سرية البيانات وسلامتها، بالإضافة إلى تأثيرها المباشر في الموارد المالية للأفراد والمؤسسات.

ولكن اكتشاف هذه البرمجيات يمثل تحديًا مستمرا في ظل التطور المستمر لأساليب المهاجمين وقدرتهم على التهرب من أنظمة الحماية التقليدية.

وفي ظل محدودية كفاءة برامج مكافحة الفيروسات التقليدية والتحليل اليدوي في التصدي لهذه التهديدات المتجددة، برز التعلم الآلي كأداة قوية لتعزيز أمن المعلومات.

كيف يعزز التعلم الآلي الأمن السيبراني؟

يعتمد التعلم الآلي على تحليل أنماط وسلوكيات الملفات المختلفة، بما في ذلك الملفات التنفيذية والبرامج النصية والمستندات والصور، لتحديد مدى خطورتها.

وتصنف خوارزمياته الملفات استنادًا إلى تشابهها مع عينات خبيثة معروفة أو انحرافها عن الأنماط الطبيعية.

كما تتمتع هذه التقنية بقدرة ذاتية على التعلم من البيانات الجديدة وتحديث نماذجها لمواكبة تطور التهديدات السيبرانية.

ويستخدم التعلم الآلي تقنيات متعددة، تتنوع بين الأساليب الخاضعة للإشراف وغير الخاضعة للإشراف، تبعًا لنوع البيانات والمهمة المطلوبة.

وتتيح هذه التقنية للأنظمة الحاسوبية التعلم دون الحاجة إلى برمجتها، مما يجعلها تحاكي الطريقة التي يتعلم بها البشر من خلال التجربة.

ويعزز التعلم الآلي الأمن السيبراني من خلال تحليل البيانات واكتشاف الأنماط المخفية للكشف المبكر عن التهديدات الإلكترونية والمساعدة في التعرف على الأنماط التي قد لا يلاحظها البشر أو برامج مكافحة الفيروسات التقليدية.

وتعتمد هذه التقنية على تدريب الأنظمة لكي تستطيع التنبؤ بالسلوكيات الخبيثة واتخاذ قرارات استباقية لحماية الأنظمة الرقمية.

ومن خلال تحليل بيانات البرمجيات الخبيثة، تستطيع الخوارزميات تحديد أنماط وخصائص البرمجيات الخبيثة واكتشاف التهديدات الداخلية والتصرفات غير المألوفة للمستخدمين والتنبؤ بالمناطق الخطرة عبر الإنترنت وحماية البيانات المخزنة في السحابة من خلال مراقبة السلوك المشبوه.

دور التعلم الآلي في كشف البرمجيات الخبيثة

تحلل المؤسسات ملايين البيانات المرتبطة بالبنية التحتية والمستخدمين. وفي ظل الكم الهائل من البيانات، يصبح من الصعب الاعتماد على فرق الأمن التقليدية فقط.

ويأتي هنا دور التعلم الآلي، الذي يساعد فرق الأمن السيبراني في تحديد التهديدات واتخاذ الإجراءات اللازمة قبل وقوع الضرر.

وتعتمد هذه العملية على تزويد الخوارزميات ببيانات ضخمة، مما يمكنها من استنتاج الارتباطات والأنماط المخفية. وبناءً على هذه الأنماط، تتوقع الخوارزميات التهديدات وتتخذ إجراءات مناسبة.

وعادةً ما تشمل عملية التعلم الآلي جمع كميات كبيرة من البيانات وتنظيمها وتجهيزها للتحليل، واستخرج الخصائص المهمة من البيانات، وتدريب الخوارزمية على البيانات المستخرجة، واختبار أداء النموذج للتحقق من دقته وقدرته.

وبالنظر إلى الطبيعة الديناميكية للتعلم الآلي، فإن إضافة بيانات جديدة يعزز أداء النماذج ويحسن قدرتها على كشف البرمجيات الخبيثة

تقنيات الكشف

توجد منهجيات مختلفة لاستخدام تقنيات التعلم الآلي للكشف عن البرمجيات الخبيثة، بما في ذلك:

  • الكشف القائم على التوقيع: يقارن ملفًا أو نظامًا بقاعدة بيانات توقيع البرمجيات الخبيثة. تكتشف هذه الطريقة البرمجيات الخبيثة المعروفة، لكنها لا تستطيع اكتشاف التهديدات الجديدة.
  • التحليل الاستدلالي: يكتشف أنماط سلوك النظام أو التعليمات البرمجية المشبوهة. تكتشف هذه الطريقة التهديدات الجديدة، ولكنها قد تولد أيضًا نتائج إيجابية خاطئة.
  • الكشف القائم على التعلم الآلي: تحلل الخوارزميات مجموعات بيانات ضخمة من البرمجيات الخبيثة المعروفة للعثور على أنماط البرمجيات الخبيثة وسماتها. تكتشف هذه الطريقة التهديدات المعروفة وغير المتوقعة وتقليل وقت اكتشاف البرمجيات الخبيثة وإزالتها.

وتصنف تقنيات التعلم الآلي المستخدمة في الكشف عن البرمجيات الخبيثة إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وهي الأساليب الخاضعة للإشراف، والأساليب غير الخاضعة للإشراف، والأساليب القائمة على التعزيز.

ويمتلك كل نوع إيجابيات وسلبيات، وتعتمد الطريقة المختارة على حالة الاستخدام والبيانات المقدمة.

وغالبًا ما تُستخدم الأساليب الهجينة، التي تجمع بين الأنواع المتعددة، لتعزيز دقة ومتانة أنظمة الأمن السيبراني في اكتشاف التهديدات المتطورة والتخفيف منها.

دور التعلم الآلي في تعزيز الأمن السيبراني

يراقب التعلم الآلي سلوك الشبكة بشكل مستمر لاكتشاف أي نشاط غير طبيعي. ومن خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات في الوقت الفعلي، فإنه يستطيع تحديد الحوادث الأمنية الحرجة، ويشمل ذلك التهديدات الداخلية، والبرمجيات الخبيثة غير المعروفة سابقًا، وانتهاكات سياسات الأمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى