مقالات

إسرائيل وإيران: صراعٌ يتجاوز الحدود… وجذورٌ تتجاوز العقود

لا يُعدّ الصراع بين إيران وإسرائيل جديدًا أو مؤقتًا، بل هو من أطول النزاعات غير المعلنة في المنطقة، يمتد لعقود ويتجاوز البعد العسكري إلى أبعاد أيديولوجية، دينية، سياسية وجيوإستراتيجية.
وقد دخل هذا الصراع مرحلة أكثر خطورة في عام 2025، بعد أن اقترب الطرفان من حافة المواجهة المباشرة، في ظل تصاعد العمليات العسكرية والهجمات السيبرانية والاستهداف المتبادل في أراضٍ ثالثة.

الجذور التاريخية للصراع

عصر ما قبل الثورة الإيرانية (قبل 1979) كانت العلاقات الإيرانية الإسرائيلية قوية نسبيًا، حيث دعمت إيران الشاه إسرائيل سرًا في مواجهة المد القومي العربي.

ما بعد الثورة الإسلامية بعد 1979، تغيّر المشهد جذريًا، إذ أعلنت إيران بقيادة الخميني “العداء المطلق” لإسرائيل واعتبرتها “الكيان الغاصب”، وبدأت بدعم حركات المقاومة (حزب الله، حماس…).

الأبعاد الجيوسياسية

إيران تريد دورًا إقليميًا مهيمنًا تسعى طهران إلى مدّ نفوذها من الخليج إلى المتوسط، عبر ما يسمى “الهلال الشيعي”، الأمر الذي تعتبره إسرائيل تهديدًا مباشرًا.

إسرائيل كذراع غربية في المنطقة
ترى إيران إسرائيل امتدادًا للنفوذ الأمريكي في قلب المنطقة، وتسعى لتقويضه.
البرنامج النووي الإيراني الخطر الأكبر في نظر إسرائيل تعتبر إسرائيل أن حصول إيران على سلاح نووي سيكون كارثة إستراتيجية، وسبق لها أن هاجمت مفاعلات نووية (العراق 1981، سوريا 2007) تقوم إسرائيل بعمليات استخباراتية داخل إيران، منها اغتيال علماء، وهجمات على منشآت نووية، وعمليات سيبرانية.
الحرب الهجينة: ساحات الصراع غير المباشرة

سوريا مسرح مواجهة دائم بين إيران (عبر الحرس الثوري وحزب الله) وإسرائيل.
لبنان من خلال حزب الله المدعوم إيرانيًا، الذي يُعتبر قوة ردع ضد أي هجوم إسرائيلي على إيران.
غزة واليمن والعراق
كلها ساحات تتحرك فيها أدوات كل طرف.

التصعيد في 2025

ضربات متبادلة تشمل استهداف منشآت في العمق الإيراني، وردود إيرانية على شكل هجمات عبر الميليشيات أو الطائرات المسيّرة.
أزمات دولية موازي الوضع في أوكرانيا، التوتر الصيني الأمريكي، والأزمة النفطية كلها تعقد مشهد التوازن.
صراع في الفضاء السيبراني الهجمات الإلكترونية باتت وسيلة مفضّلة للطرفين لضرب البنية التحتية دون تكلفة بشرية مباشرة.

الموقف العربي والإسلامي:

اللاموقف المعلن رغم أن العديد من الشعوب الإسلامية تعتبر إسرائيل عدواً، إلا أن الأنظمة تلتزم الحياد، وبعضها أقام علاقات رسمية مع تل أبيب.
الخوف من الهيمنة الإيرانية دول كالسعودية والإمارات تخشى من توسع النفوذ الإيراني أكثر من إسرائيل في بعض الأحيان.
القضية الفلسطينية لا تزال محورًا غائبًا في الخطاب الرسمي العربي عند كل تصعيد، ما يعكس تراجع الأولوية.

موقف القوى العالمية

الولايات المتحدة ‘ تدعم إسرائيل لكن لا ترغب في حرب شاملة تضر بمصالحها.
روسيا والصين
تدعمان إيران في توازن القوى، وتسعيان لفرض توازن مضاد للغرب.

سيناريوهات مستقبلية محتملة:

استمرار الحرب بالوكالة: الأرجح هو استمرار التصعيد دون حرب مباشرة، لضبط الكلفة والمخاطر.
مواجهة محدودة ومسيطر عليها قد تحدث ضربة إسرائيلية على منشأة نووية، ترد عليها إيران بشكل محسوب.
مفاجأة كبرى تؤدي لحرب إقليمية: أقل احتمالًا لكنها واردة في حال اغتيال أو هجوم خاطئ على هدف حساس.

ما بين الطموح النووي الإيراني، وهواجس إسرائيل الأمنية، وتخاذل بعض الأطراف العربية، يعيش الشرق الأوسط على حافة الانفجار. ويبقى السؤال: هل تقود هذه الحرب، حتى وإن لم تكن شاملة، إلى إعادة تشكيل المنطقة؟ أم أنها مجرد جولة من جولات لا تنتهي في مسرح دائم الاشتعال؟

سيدي علي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى