مقالات

حق الرد: حين يتحدث من كان جزءًا من المشكلة عن الحل

حق الرد: حين يتحدث من كان جزءًا من المشكلة عن الحل

طالعتنا تدوينة السيد أحمد سالم بوحبيني، التي اختار فيها ـ كعادته ـ أن ينكر الواقع، ويهاجم من يحملون مشاعل الحقيقة، محاولًا هذه المرة استغلال قصة يَرْگ، الشاب الذي خرج من نير العبودية سنة 2011 على يدي الحركة الإنعتاقية إيرا ليقدّم “نصيحة” مغلّفة بالموعظة، لكنها في عمقها طعنٌ مبطن في نضالٍ حرّ وشرف كبير لا يفهمه من استراح في مقاعد التسويات والانكار.

ولد بوحبيني، الذي ظل ينكر وجود العبودية في موريتانيا، أو على الأقل يراوغ في تسميتها، ويستند في مواقفه على “بيانات النيابة” بدل أصوات الضحايا، يحاول اليوم أن يعطينا دروسًا في احترام الضحايا وتقديرهم!

لا ننسى تقاريره المُمجّدة للنظام، ولا صمته حين كانت المفوضية الوطنية لحقوق الإنسان تصور الضحايا وتوزع عليهم الفتات لإسكاتهم أمام الكاميرات. لم يكن حاضرًا مع يَرْگ حين كان يُنتشل من قاع الجهل والعبودية في لمدن، هو وأخوه سعيد
لم يسمع بأن سعيدًا لم يكن يعرف “الفاتحة”، ولا أن المخطار وهّابي ولا مريم
رغم القوانين، وعاشوا عبيدًا أما جهلك بفكر الإيراوي
الفكر الإيراوي ليس حملة دعائية ولا بحثًا عن صور، بل هو قناعة راسخة، نضال يومي، دفع ثمنه الرجال في الزنازين وفي ساحات المحاكم، بينما كنتم أنتم ولد بوحبيني تنتظر أن “تقول الدولة كلمتها” قبل أن يهمسو بكلمة.

نحن لا نُذكّر الضحايا بماضيهم لإذلالهم، بل لنذكّر المجتمع بجريمته. من دون اعتراف، لا إصلاح. من دون الحقيقة، لا مستقبل.

يَرْگ وأمثاله ليسوا غنائم، ولا صورًا على الجدران. لكنهم أيضًا ليسوا من أبناء الصدفة، بل من أبناء النضال، من صُنعوا على يد حركة إيرا، لا في مختبرات “الإجماع الوطني”.

إن نضال بيرام الداه أعبيد من أجل تحرير يَرْگ وسعيد وآلاف غيرهم، هو شرف لا يُمحى بتغريدة، ولا يُطمس بكلام منمّق. بل هو التاريخ، وهو الواقع الذي سيبني المستقبل.

فيا بوحبيني، لا تُحاضر في الحرية من موقع المتواطئ، ولا تهاجم من حملوا عبء التغيير من موقع المتفرج.

من أراد أن يُنصف يَرْگ، فليعترف بأنه كان عبدًا، وأنه حُرّر، وأن الفضل لا يُنتزع ممن بذله.

ومن أراد أن يطوي الصفحة، فليقرأها أولًا.

عبد الله آبو جوب
مسؤول حقوق الإنسان في منظمة إيرا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى