ملعب شيخا بيديا… حين قال الشعب كلمته: نعم للإنصاف ونبذ الفرقة والخلاف.”بقلم: د. محمد الراظي بن صدفن”

في مشهد وطني بالغ الرمزية، احتشد آلاف المواطنين في ملعب شيخا ولد بيديا وسط العاصمة نواكشوط، بدعوة من حزب الإنصاف، احتفالًا بمرور عام على تنصيب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لولاية رئاسية ثانية، فيما وصفه مراقبون بـ”استفتاء شعبي صريح على الثقة بالرئيس، وحُسن أدائه، ودعم استقرار البلاد ووحدتها الوطنية كخيار سياسي لا رجعة فيه”.
هذا الحضور الجماهيري الكثيف لم يكن مجرد احتفاء بذكرى، بل كان تعبيرًا واضحًا عن موقف شعبي يدرك أن ديمقراطية الواجهة وحدها لا تكفي، إذا لم تكن مدعومة بالأمن والتنمية والعدالة والإنصاف، التي تؤدي إلى تحقيق الاستقرار أولًا، وتُسهم في نهاية المطاف في توحيد صفوف الشعب.
وللتأكيد على ذلك، فقد برزت خلال فعاليات المهرجان رسالة جوهرية تكررت في الشعارات والهتافات واللافتات، مفادها أن الاستقرار الذي ننشده جميعًا ليس ترفًا فكريًا، بل مطلبًا وطنيًا لا يمكن أن تقوم أي تنمية من دونه، وهو أهم من المزايدات السياسية والانتخابية السابقة لأوانها.
في هذا السياق، أثبتت موريتانيا، في ظل أوضاع إقليمية هشة وتحديات أمنية متفاقمة في منطقة الساحل، تفوقها على محيطها بفضل سياسة متزنة وقيادة مسؤولة، تضع أمن الدولة ومصالحها العليا فوق كل اعتبار، وذلك من خلال اعتماد مقاربة في إدارة الحكم تجمع بين التواضع في الأسلوب والحزم في القرار.
وقد نجحت هذه السياسة في تكريس ثقافة الحوار، ومحاربة الإقصاء والتطرف، وإعادة الاعتبار لمؤسسات الجمهورية، وبناء جسور الثقة بين المواطن والدولة.
ولا شك أن الاحتفاء بتخليد الذكرى الأولى لتنصيب فخامة الرئيس خلال مأموريته الثانية، يأتي في الوقت الذي تشهد فيه بلادنا تحولات استراتيجية مهمة على الصعيد الاقتصادي، حيث سيتم الشروع في الاستغلال التجاري للغاز الطبيعي ضمن مشروع “آحميم”، والانخراط في مشاريع واعدة في الهيدروجين الأخضر والمعادن، وتعزيز الشراكات الدولية.
إذًا، هذه الانطلاقة التي تعزز الثقة بمستقبل أفضل لأجيالنا تتطلب مزيدًا من رصّ الصفوف بين فئات شعبنا، والالتزام بمبادئ الإنصاف والعدالة، والتشبث بفكر الإصلاح والبناء، من أجل الوقوف صفًا واحدًا أمام دعاة التفرقة، ومروّجي الأزمات، ومهندسي الصراعات التي فتكت بآمال وتطلعات شعوب كثيرة.
فموريتانيا اليوم، المتصالحة مع ذاتها، والمدركة لحجم التحديات التي تواجهها، تؤكّد من جديد، عبر نظامها السياسي، وعلى لسان رئيس حزب الإنصاف سيد أحمد بن محمد، تمسكها بنهج فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في إقامة دولة موريتانية مدنية وعصرية، يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات، ويسود فيها العدل والقانون.
ذلك أن الشرعية، في زمنٍ تهاوت فيه الكثير من الديمقراطيات أمام الأزمات، تُبنى بالثقة لا بالصخب، وبقدرة الأنظمة على الإنجاز والاستجابة لتطلعات شعوبها.