مقابلات

«أسطول الصمود» والقرصنة الإسرائيلية: ما جديد القديم؟

أبحر من ميناء برشلونة الإسباني «أسطول الصمود العالمي»، المبادرة البحرية الدولية الأحدث ضمن جهود التضامن العالمي مع قطاع غزة، وكسر الحصار البحري والبري الجائر الذي تفرضه دولة الاحتلال منذ سنة 2007، وتأمين ممر إنساني لإيصال مواد غذائية وطبية وخاصة حليب الأطفال إلى أكثر من 2 مليون فلسطيني يشنّ عليهم الجيش الإسرائيلي حروب إبادة وتجويع وتشريد وتهجير وتطهير عرقي.
الأسطول يتألف لتوه من عشرات القوارب التي استقلها ناشطون من 44 بلداً، بينهم عدد من مشاهير أصحاب الضمائر الحية أمثال الممثلة الأمريكية سوزان ساراندون والممثل الإيرلندي ليام كونيغن والبرلمانية البرتغالية اليسارية ماريانا مورتيغا وعمدة برشلونة السابقة أدا كولاو ومندلا مانديلا حفيد الرئيس الجنوب أفريقي الأسبق نلسون مانديلا، بالإضافة إلى ناشطة المناخ السويدية غريتا ثونبرغ التي تشارك للمرة الثالثة في هذه الأنشطة.
ومن المقرر أن تنضم قوارب أخرى تنطلق من إيطاليا وتونس وموانئ متوسطية أخرى، بالنظر إلى أن تسيير هذا الأسطول الأحدث تتكفل به منظمات «تحالف أسطول الحرية» و«الحركة العالمية نحو غزة» و«أسطول الصمود المغاربي»، وكذلك «المبادرة الشرق آسيوية» المؤلفة من قوافل شعبية تنطلق من ماليزيا و9 دول أخرى. وبذلك فإن العدد الإجمالي للقوارب المنخرطة في مبادرة «أسطول الصمود العالمي» يمكن أن يصل إلى 70 قارباً، تحمل النشطاء من عشرات الجنسيات، ويُنتظر أن تبلغ شواطئ غزة بحلول 14 أو 15 أيلول/ سبتمبر الجاري.
وإذا كانت عناصر جديدة قد توفرت في هذا الجهد التضامني الدولي المميز من حيث العدد والزخم والنطاق، فإن من المرجح أن القرصنة الإسرائيلية المعتادة في مواجهة هذه المبادرات لن تنطوي على أي جديد، ما خلا استخدام طرائق أكثر وحشية وعنفاً في اعتقال النشطاء واختطاف القوارب. وهذا على غرار ما فعلت زوارق جيش الاحتلال ضدّ السفينة مادلين مطلع حزيران/ يونيو الماضي، وفي أيار/ مايو الماضي حين هاجمت سفينة «الضمير» وأشعلت النيران فيها قبالة سواحل مالطا، وسنة 2010 حين هاجم جيش الاحتلال سفينة «مافي مرمرة» وأجهز على عشرة أشخاص من المتضامنين.
دولة الاحتلال كيان استعماري واستيطاني وعنصري ويميني متطرف لا ينتهك كل الأعراف التي جهدت الإنسانية لترسيخها على سبيل التخفيف من ويلات الحروب، وخاصة الإبادية منها والتجويعية فحسب، بل يعتمد على مساندة الولايات المتحدة ليضرب عرض الحائط بأي وكل قرار أممي يدين السياسات الإسرائيلية، ويدوس على القانون الدولي كما يتمثل في أحكام محكمة العدل والجنائية الدولية. تحصيل حاصل إذن أن يمارس جرائم القرصنة في عرض البحار، خاصة حين يدشن جيشه عملية «عربات جدعون 2» لتهجير سكان مدينة غزة واحتلالها.
التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة في غزة تشير إلى استشهاد أكثر من 63.000 فلسطيني، بينهم 18.500 طفل، وأما الأرقام الفعلية فقد تتجاوز 181 ألف ضحية فلسطينية بين شهيد ومصاب، خاصة في صفوف الأطفال، إضافة إلى نحو 11 ألف مفقود تحت الأنقاض أو في المعتقلات. وهنا بعض الجديد، في غمرة قديم إسرائيلي يتجدد أكثر وحشية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى