
يُعَدّ الفريق الداه ولد المامي، وبلا أدنى مبالغة، واحداً من أبرز الرموز الوطنية التي قدّمت لبلادها نموذجاً ناصعاً في الالتزام والمسؤولية والانضباط العسكري والإداري على امتداد عقود طويلة. فقد ظلّت مسيرته العسكرية والمهنية والسياسية شاهدة على رجلٍ لم يعرف له مرجعيةً إلا الوطن، ولا سقفاً إلا القانون، ولا هَمّاً إلا خدمة الشأن العام بما يليق بالدولة ومؤسساتها.
لم يكن الفريق الداه ولد المامي يوماً أسير الجهوية أو القبلية أو الفئوية، بل كان وطنياً خالصاً يضع مصلحة موريتانيا فوق كل اعتبار، بعيداً عن الحسابات الضيقة والطموحات الشخصية. بقي دائماً قريباً من النصوص القانونية، حريصاً على احترامها، منضبطاً في أداء المهام الموكلة إليه، وحاضراً في كل ظرف تستدعي فيه الدولة صوت العقل والحكمة والضمير الوطني.
ومن أبرز محطاته وأكثرها إشراقاً، الفترة التي تولّى فيها إدارة الجمارك. فقد أجمع القريب والبعيد على أنها كانت من أنظف وأكفأ الفترات في تاريخ هذه المؤسسة الحيوية. وفي زمنٍ كان الفساد يحاول التسلل إلى مفاصل عديدة، وقف *الفريق الداه ولد المامي سداً منيعاً أمام التجاوزات، وحمى المال العام بحزمٍ ونزاهة، ورفع أداء الجمارك إلى مستويات غير مسبوقة من المهنية والفعالية. كانت تلك المرحلة مدرسةً يُحتذى بها في إدارة المرفق العام *بروح وطنية ومسؤولية وشجاعة.
وحتى بعد التقاعد، لم يغادر الرجل ساحة العمل الوطني. فقد ظلّ صوتاً هادئاً لكنه عميق التأثير، يدعو إلى الاستقرار واللحمة الوطنية، ويحثّ على العمل والإنتاج، ويحذّر من مخاطر القبلية والجهوية والفساد. رجلٌ يعمل بصمت، لكنه يترك أثراً واضحاً، وتعكس مواقفه القيم التي تربّى عليها: النزاهة والصدق والوفاء.
واليوم، ومع الخطابات المضيئة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني خلال زيارته للحوض الشرقي و التي ركّز فيها على مكافحة الفساد، ونبذ القبلية والجهوية، والالتزام بالقانون، وتأجيل الطموحات الخاصة يبرز فوراً أن هذه المبادئ ليست جديدة على الفريق الداه ولد المامي؛ فقد سبق إليها منذ عقود، و عاشها قولاً وفعلاً، في الجيش، و في إدارة العتاد بالتحديد
، وفي الجمارك، وفي كل منصب تقلّده.
نحن لا نطلب ردّ اعتبار للرجل، فالتاريخ النظيف لا يحتاج إلى تبرير، وصاحبه أكبر من أي شهادة. بل نشير بكل وضوح إلى أن الوطن اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى نماذج مثله، وإلى الاستفادة من خبراته ونزاهته دعماً للتوجه الوطني الجديد الذي يقوده فخامة الرئيس.
فكل محطاته المهنية تشهد له: من إدارة العتاد، إلى إدارة الجمارك، إلى أدواره المتعددة داخل الدولة؛ كلها تُجمع على أنه رجلٌ لم يعرف إلا الوطن طريقاً، ولا القانون مرجعاً، ولا المصلحة العامة بديلاً.
تحية إجلال وتقدير للفريق الداه ولد المامي… رمز النزاهة والوطنية الصادقة.
وليحفظ الله موريتانيا آمنة مستقرة موحدة.



