أعلنت الصين صباح اليوم إطلاق مناورات عسكرية ضخمة بالذخيرة الحية حول تايوان، في خطوة تصعيدية جديدة تعكس احتدام التوترات الإقليمية، وسط ردود فعل تايوانية حذرة وانتقادات دولية، وخلفية معقدة من الخلافات مع الولايات المتحدة واليابان.
وجاء ذلك في سياق إقليمي متوتر تغذّيه صفقات تسليح أمريكية لتايبيه وتصريحات يابانية أثارت غضب القيادة الصينية. وردت تايوان على الفور باستنفار قواتها، معتبرة أن هذه التحركات تشكل تهديدا مباشرا لأمنها واستقرار المنطقة. وصرحت القيادة الشرقية لجيش التحرير الشعبي الصيني، في بيان رسمي، إن القوات المشاركة في التدريبات تشمل مدمرات وفرقاطات ومقاتلات وقاذفات وطائرات مسيّرة، مشيرة إلى أن المناورات تتضمن تدريبات بالذخيرة الحية على أهداف بحرية تقع شمال تايوان وجنوب غربها. وأضاف البيان أن هذه الأنشطة تأتي في إطار تدريبات عسكرية مشتركة تهدف إلى اختبار الجاهزية القتالية للقوات الصينية. من جانبه أعلن الجيش التايواني أنه نشر “قوات مناسبة” ردا على المناورات الصينية، مؤكدا إنشاء مركز استجابة خاص وتنفيذ تمرين استجابة سريعة لضمان الجاهزية الدفاعية. وشددت تايبيه على أنها تتابع التحركات الصينية عن كثب، وأن قواتها المسلحة مستعدة للتعامل مع أي تطور ميداني.
وتعتبر الصين تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضيها، ولا تستبعد استخدام القوة العسكرية لاستعادتها، في حين ترفض تايوان هذا الطرح وتؤكد تمسكها بنظامها السياسي واستقلال قرارها. ويأتي هذا الاستعراض العسكري في وقت تشهد فيه العلاقات بين بكين وطوكيو توترا ملحوظا، على خلفية تصريحات يابانية ألمحت إلى إمكانية دعم تايوان عسكريا في حال اندلاع نزاع مستقبلي.
وكانت رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي قد صرحت أمام البرلمان في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر بأن استخدام القوة ضد تايوان قد يبرر ردا عسكريا من اليابان، ما دفع بكين إلى الرد بغضب والمطالبة بسحب التصريحات، إلى جانب استدعاء السفير الياباني والتحذير من السفر إلى اليابان، وهو ما انعكس سلبا على فعاليات ثقافية يابانية داخل الصين.
وتتزامن المناورات أيضا مع صفقة بيع أسلحة أمريكية جديدة لتايوان أُعلن عنها في منتصف كانون الأول/ديسمبر، وتُعد الثانية منذ عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، بقيمة إجمالية بلغت 11,1 مليار دولار. وقد أثارت الصفقة حفيظة بكين التي ردت بفرض عقوبات على 20 شركة دفاع أمريكية.
وفي بيان منفصل، أوضح الكولونيل شي يي، الناطق باسم قيادة المنطقة الشرقية لجيش التحرير الشعبي، أن التدريبات التي تحمل الاسم الرمزي “مهمة العدالة 2025” ستنطلق اعتبارا من 29 كانون الأول/ديسمبر، بمشاركة قوات من الجيش والبحرية وسلاح الجو وقوات الصواريخ. كما نشر الجيش الصيني خريطة لخمس مناطق واسعة تحيط بتايوان، ستشهد أنشطة إطلاق نار حي من الثامنة صباحا حتى السادسة مساء، محذرا السفن والطائرات غير المعنية من دخول هذه المناطق لأسباب تتعلق بالسلامة.
من جهتها، أدانت الرئاسة التايوانية هذه التحركات، معتبرة أنها تمثل تجاهلا صريحا للمعايير الدولية واستخداما للترهيب العسكري لتهديد الدول المجاورة. وأفاد خفر السواحل التايوانيون برصد أربع سفن تابعة لخفر السواحل الصيني قرب المياه الشمالية والشرقية للجزيرة، مع استنفار سفن كبيرة وإرسال وحدات دعم إضافية.
وأكد شي يي أن المناورات تشكل “تحذيرا شديد اللهجة” للقوى التي تطالب باستقلال تايوان، معتبرا إياها إجراء “مشروعا وضروريا” لحماية سيادة الصين ووحدتها الوطنية، ومضيفا أن السفن الصينية ستقترب من الجزيرة “على مسافات قصيرة جدا” من اتجاهات متعددة.
وتُعد هذه التدريبات الأحدث في سلسلة من المناورات الصينية حول تايوان، كان آخرها في /أبريل الماضي وشملت أيضا تدريبات بالذخيرة الحية، في مؤشر على أن ملف تايوان لا يزال بؤرة توتر مفتوحة تهدد بإعادة رسم ملامح الأمن في شرق آسيا.
زر الذهاب إلى الأعلى