الذكاء الإصطناعي خطر يهدد التعليم في موريتانيا الحلقة الثانية : (مثلث برمودا)

إنها الحلقة الثانية ضمن سلسلة نثير فيها غبار الوهم عن حقيقة تكاد تختفي معالمها بين دروب الإهمال واللامبالاة وأزقة النسيان
إنها الحقيقة المرة وهي أننا أمام ثلاثية تفتقر إلى التكوين والإرشاد من أجل تحصين العملية التربوية هذه الثلاثية هي أقطاب جمعها القدر لتؤلف واقعا يساوي في مجموعه تعليما يتجسد من خلال مخرجات ننظر إليها شزرا .
إن هذا المثلث الذي تتشكل أضلاعه من الدولة والأولياء الأمور والتلاميذ من المفترض به أن يمنحنا مساحة حركة قاعدتها صلبة لتحمل الأحلام والطموحات وارتفاعها كاف لتمر الأماني بأن يكون هناك تميزفي المستقبل
إننا حين نتحدث عن الدولة فإننا نتحدث عن منظومة تبدأ بالإرادة السياسية التي حملها برنامج فخامة رئيس الجمهورية الطموح لبناء صرح تعليمي ناجح ثم وزارة مسؤوليتها الأولى تجسيد هذا الطموح وتحويله من إطار التنظير إلى إطار التطبيق وإنها لمهمة شاقة وسهلة في آن واحد لكنها لاتحتمل المخاطرة، مرورا بمصالح هي الأدوات الفاعلة في صناعة الطموح وأخيرا الحجر الأساس الذي هو المدرس الذي هو أصغر وحدة في هذه المنظومة حجما وأكبرها دورا بل هو الجزء الذي بفضله يوجد الكل .
هذه المنظومة تحتاج إلى تحليل واقعي وحيادي يتناول مواطن القوة ومكامن الضعف حتى يكون هذا الضلع مستقيما ليؤدي واجبه في هذا المثلث الذي عليه مدار وجود تعليم ناجح وهي منظومة سنوفيها حقها في مقال منفرد إن كتب الله البقاء .
أما الضلع الثاني فهو الوكيل وما أدراك مالوكيل ؟
إنه الراعي الذي يحرس ، والمزارع الذي يسقي ، والقبطان الذي يوجه، إنه الصورة المصغرة في التلميذ والتي تودعه كل أبعادها دون أن تشعر في عملية تبادل لاواعية في أغلب الأحيان ، هذا الوكيل هو كل أجزاؤه القيم ، والوطنية ، والطموح ،والحنان ، والعطف والإصرار على التحدي ، فكيف لمن هو كل من هذه الأجزاء أن لايكون موضع اهتمام وتكوبن ؟ وكيف بمن هذا دوره أن لايكون له مكان في سياسة التعليم الحديثة ؟ وكيف نختزل هذه الأجزاء في مكتب آباء ميت هدفه التحصيل يطبل ويزمر بل ويسيس في أغلب الأحيان ؟ .
إن هذا الضلع يجعلنا نفرد مقالا خاصا حوله شئنا أم أبينا لنسبر أغواره ونعرف أبعاد نقاطه المتوازية على طول واحد ، وكأنها جسر عبور نحن من أهملناه ولاوصول بدونه للهدف المنشود .
والضلع الثالث هو التلميذ بما له من أبعاد يجسدها المستوى العمري ، وأخرى يجسدها المستوى المعرفي، وتلك التي يجسدها المستوى الاجتماعي ، وأخيرا تلك الأبعاد التي يمليها المستوى النفسي ، إنها بعض أبعاد هذا الكائن الصغير الذي يكبر مع مرور الأيام ، ونحن نعلمه أن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ، في حين نتجاهل نحن أنفسنا ذلك ونحن نعده ونتولى تكوينه متناسين قاعدة تربوية مفادها (أبدأ بنفسك ….)
إن هذا الضلع هو الضلع الثالث في مثلث برمودا الذي طالما ثوت بين جنباته أحلامنا وطموحاتنا بغد أفضل ، وكأن قدر كل إصلاح أن ينتهي به الأمر إلى المجهول تماما كلغز برمودا فهل لأحلامنا من عودة ؟ وهل لهذا المثلث من مساحة للحياة ؟
إن الحياة ممكنة في كل وقت وحين ، لكن نحتاج دائما أن نأخذ بالأسباب بحسب الظروف والمتغيرات ، فنحن في عالم لايعترف بالجمود، وعصر لايعترف بالتسويف ، ولأننا أضعنا هذا المثلث هانحن اليوم نقف عاجزين ، أحب من أحب، وكره من كره، أمام تطور العلم حتى أنه بات يسرق عقول أبنائنا في صمت …
نعم إنه الذكاء الإصطناعي الذي يهدد الذكاء البشري لكل أمة لاتزال تحبو في عالم يسير بسرعة الضوء فهل نعطي هذا المثلث مايستحق من العناية ؟ أم أن مساحته ستظل مثوى لأحلامنا لنعيش عالة على اختراعات الغير ؟
يتواصل ……
بقلم سيد محمد يعقوب .
مسؤول الإعلام بالإئتلاف التربوي الموريتاني .
رئيس تيار وطن موحد .