الأخبار

ملاحظات حول تقرير محكمة الحسابات والإقالات الحكومية الأخيرة

في ضوء المستجدات الأخيرة وما صدر عن مجلس الوزراء من قرارات إقالة وتغييرات إدارية مرتبطة بنتائج تقرير محكمة الحسابات الوطنية يمكن تسجيل عدد من الملاحظات الموضوعية والمهنية التي تعكس قراءة هادئة ومتوازنة للحدث:

أولًا – مهنية وشفافية محكمة الحسابات
من خلال تصريح أحد الأمناء العامين المقالين الذي أقرّ بأن قضاة محكمة الحسابات وثّقوا بدقة ما أدلى به أثناء جلسات الاستماع والأسئلة والأجوبة، يتضح مدى الاحترافية والمسؤولية والمصداقية التي طبعت عمل القضاة المشرفين على إعداد التقرير.

هذا الإقرار يعزز الثقة في مؤسسة الرقابة العليا كمكوّن أساسي لترسيخ الشفافية والمساءلة ويؤكد أن عملها قائم على معايير مهنية لا على اجتهادات شخصية.

ثانيًا – الإشارات إلى الخلل في منظومة التسيير
من خلال بعض التصريحات اللاحقة التي نُشرت على منصات إعلامية وطنية يظهر بوضوح أن الاختلال لم يكن في القرارات الفردية فحسب بل في وجود لوبيات نافذة كانت تؤثر في مسار بعض الملفات الإدارية والرياضية والمالية.

وهو ما يطرح تساؤلات مشروعة حول مدى قدرة بعض المسؤولين التنفيذيين على ممارسة صلاحياتهم كاملة في مواجهة هذا النوع من الهيمنة المؤسسية غير الرسمية.

ثالثًا – غياب روح المسؤولية وتبعاتها
المسؤولية لا تُقاس بحجم المنصب ولا بعدد الإدارات التابعة له بل تُقاس بمدى تحمل الواجب والقيام بالأمانة.

وقد أظهرت الوقائع أن التراخي واللامبالاة الإدارية كانا من أبرز أسباب الإخفاق في بعض القطاعات مما يجعل من الضروري إعادة النظر في ثقافة التسيير العمومي وإحياء مبدأ “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”
كقيمة أخلاقية وإدارية في آن واحد.

رابعًا – ضرورة مراجعة آليات التعيين وتحمل المسؤولية السياسية
الوزراء المعنيون ببعض الملفات خلال الفترات السابقة يتحملون جزءًا من المسؤولية ليس فقط لأنهم على رأس القطاعات بل لأنهم اختاروا أشخاصًا لم يكونوا في مستوى الثقة والمسؤولية.

هذا يستدعي إصلاحًا مؤسسيا في آليات التعيين بحيث تُبنى على الكفاءة- النزاهة – والمساءلة المستمرة بعيدًا عن الولاءات الضيقة والضغوط غير المهنية.

خامسًا – دعوة وطنية للإصلاح والمحاسبة
إن ما يجري اليوم لا ينبغي أن يُقرأ كحملة إقالات فحسب بل كـ فرصة وطنية لإعادة بناء منظومة الإدارة على أسس الشفافية والنزاهة.
والمطلوب من الجميع مؤسساتٍ ومسؤولين ومجتمعًا مدنيًا.

أن يدركوا أن المسؤولية تكليف لا تشريف وأن مكافحة الفساد والرشوة مسؤولية جماعية تقتضي الشجاعة الأخلاقية والمؤسسية.

Abdallahi Daye Messoud

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى